إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شرح لمعة الاعتقاد
196519 مشاهدة
البدع التي حدثت في القرن الأول وما بعده

هذه المحدثات حدثت بعضها في القرن الأول؛ حدثت بدعة التكفير من الخوارج الذين يرون الذنب كفرا والعفو ذنبا، والذين قاتلوا المسلمين فهؤلاء من الخوارج بدعتهم الخروج عن طاعة الأئمة وعن طاعة جماعة المسلمين؛ وحدثت بعد ذلك بدعة إنكار العلم لله تعالى، قوم قالوا: إن الله لا يعلم الأشياء حتى تحدث فسماهم العلماء مجوس هذه الأمة أو سموهم القدرية أنكروا عليهم.
حدثت بعد ذلك بدعة القدرية الذين ينكرون قدرة الله على كل شيء ويخرجون أفعال العباد عن كونها مقدورة لله؛ حدثت بعد ذلك بدعة التعطيل إنكار صفات الله تعالى الذين أنكروا أن يكون الله متكلما وأن الله فوق عرشه وأنكروا أن الله يرى أو يتجلى لعباده في الجنة أو ما أشبه ذلك؛ فسماهم السلف جهمية لأن رئيسهم هو الجهم وسموهم معطلة، والتعطيل هو تعطيل الله تعالى من صفات الكمال.
وحدثت بعد ذلك بدعة المشبهة الذين جعلوا هذه الصفات لله تعالى كصفات الخلق وفيهم في ..الجميع يقول ابن القيم رحمه الله:
لسنا نشبــه ربنــا بصفاتنا
إن المشـــبه عــابد الأوثان
كلا ولا نخليــه مـن أوصافه
إن المعطــل عـــابد البهتان
ويقول فيهم بعض السلف: المشبه يعبد صنما والمعطل يعبد عدما والموحد يعبد إلها فردا صمدا، ويقول أيضا نعيم بن حماد من شبه الله تعالى بخلقه فقد كفر ومن جحد ما أحدثه الله لنفسه من الصفات فقد كفر وليس فيما أثبت الله لنفسه تشبيه.
ويقول أيضا الحكمي رحمه الله:
واللــه لســت بجهمي ....
يقول فـي الله غـير مـا يجد
يعني: ينكر صفات الله.
أيضا ولسـت لربي مـن مشبهة
إن المشبـه هـو ومعبـوده جسد
فهذه طريقة السلف رحمهم الله. وهذه هي البدع.
كذلك أيضا حدثت بدعة الرفض الذي هو سب الصحابة؛ وحدثت بدعة الإرجاء وهو الإنكار أن تكون الأعمال من مسمى الإيمان؛ وحدثت بدعة الجبر وهو اعتقاد أن العبد ليس له اختيار وأنه مجبور على أفعاله وأشباه ذلك من البدع فيحذرها المسلم ويعلم أنها محدثات وأن كل محدثة بدعة، كل محدثة في الدين فإنها من البدع وكل بدعة ضلالة أي أن من سلكها فإنه ضال مضل.
قال: ابن مسعود رضي الله عنه اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم اتبعوا يعني اتبعوا سيرة الصحابة ولا تبتدعوا تأتوا بشيء من قبل أنفسكم ما استحسنتموه من أقوالكم تثبتونه وتجعلونه من الشريعة فقد كفيتم أي كفاكم من قبلكم.